ويتبني الفريق المكون من ثماني فتيات وشابين أهدافا إنسانية من وراء عروضه تقوم على تسليط الضوء على المناطق المهمشة في قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ أكثر من 12 عاما.
وتقول العضو في الفريق ياسمين رصاص وهي تعمل مصممة جرافيك ورسامة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إنهم يعدون أول فريق على مستوى قطاع غزة متخصص في تقديم عروض عرائس "الماريونيت".
وتوضح ياسمين أن الفريق تلقي تدريبات مكثفة على مدار ستة أشهر قبل أن يشرعوا بتقديم العروض التي تستهدف المناطق المهمشة "لأن الأطفال فيها بحاجة ماسة للترفيه والدعم النفسي".
وتشير إلى أنهم يستخدمون أدوات بسيطة مثل الخشب والكلكل والجلد في صناعة الدمى التي يتم تحريكها عبر الخيوط وبدأت عروضها تحظى بإعجاب متزايد بين السكان.
ويتم تأليف قصة العرض واختيار الشخصيات المناسبة للقصة، وتسجيل أصوات تناسب الشخصيات، وممكن أن تستخدم الأصوات في العرض نفسه بشكل ارتجالي، ويكون المسرح عبارة عن ستار يخفي محرك الدمى ليرى المشاهدون الدمى المتحركة فقط.
ويعد هذا الفن القديم جديدا على قطاع غزة ويبدأ برسم الشخصية بناء على سيناريو مكتوب مرورا بنحت تفاصيلها لينتهي بتلوينها وصناعة الأزياء الخاصة بها.
وتقول المصممة ضمن الفريق ترنيم المدهون لــ (د.ب.أ)، إنها عادة ما تصنع شخصيات الدمى من الشارع والتأمل في الحياة العادية للمجتمع المحلي في غزة.
وتوضح المدهون أن الفريق شكل الكثير من الدمى التي تشبه الواقع في مجتمع غزة بأدق تفاصيله، علما أن الدمية الواحدة يستغرق العمل فيها نحو أربعة أيام لتكون جاهزة.
وتضيف أن تعلم فن عرائس الماريونيت ليس بالشيء اليسير ويحتاج إلى كثير من التدريب إلا أن الفريق نجح عبر عروض دمى العرائس في نقل رسائل اجتماعية وثقافية بما يضمن نشر البهجة رغم الإمكانيات المتواضعة.
وتمر مراحل صناعة دمى العرائس بعدة مراحل أبرزها نحت الوجه بحسب شكل الشخصية المطلوبة وتنعيم الرأس والجسد، ومن ثم صنع اليدين من مادة "الكلكل المقوى"، وتثبيت الشعر والعينين واختيار الملابس الخاصة بالشخصية قبل أن يتم ربط الخيطان في مفاصل الدمية لسهولة تحريكها من أعلى.
ويعود الفضل في المبادرة إلى تأسيس فريق عرائس الماريونيت في غزة إلى مهدي كريرة /40 عاما/ والذي استهوته منذ صغره مداعبة عرائس الدمى ونبش الذاكرة من خلالها بحثا عن أيام الزمن الجميل.
ولسنوات ظل كريرة يحرك بيديه خيوط الماضي بعرائس الماريونيت التي صنعها حلم طفولي بات فريقا شكله في الكبر بحسب ما روى لــــ(د.ب.أ).
ويقول كريرة عن رحلته في هذا المجال " واجهت في البداية صعوبات كثيرة لكن تدريجيا بفضل التعليم الذاتي عبر مقاطع فيديو على الانترنت واستشارات لمختصين في الخارج بدأت أصل لمرحلة تصنيع الدمى ومن ثم تحريكها".
ويضيف "بدأت عبر مسرح العرائس في تقديم اسكتشات صغيرة على نطاق ضيق كانت تقتصر على تحريك يدي وقدمي الدمية لكن الأمر تطور تدريجيا ووصل حد تشكيل فريق شبابي خاص".
وبدأ كريرة الاهتمام بدمى الخيوط قبل ثمانية أعوام مدفوعا بحبه لمسرح عرائس الدمى المصرية، مثل (بوجي وطمطم)، و(عالم سمسم)، وأوبريت (الليلة الكبيرة)، وهي عروض مسرحية كانت تعرض على التلفزيون المصري على مدار أعوام.
ويشير إلى أن عرائس الماريونيت هي أصعب أنواع الدمى وحين تتم صناعة الدمية يجب أن تكون جميع مفاصلها قابلة للحركة بواسطة خيوط مربوطة بقطعة خشبية في الأعلى.
ويفضل كريرة استخدام عجينة الورق والصمغ اللاصق في صنع الدمى بديلا عن الخشب "الذي يحتاج للكثير من الأدوات والآلات" يصعب عليه توفيره نظرا لإمكانياته المحدودة.
ويبرز أنه كلما زاد عدد الخيوط في الدمى تزداد صعوبة تحريكه، إذ أن كل عضو له خيط مربوط فيه ومسؤول عن تحريكه، لكن كلما كثرت الحركة زاد جمال وإبهار العرض والواقعية في الأداء.
ويعمل كريرة في كتابة أغان ونصوص في مؤسسات المجتمع المدني في غزة بحيث يجمع بين كتابة النص المسرحي ومن ثم صناعة الدمى الذي يحتاجها النص.
ويوضح أن الحوار يتم تسجيله في استديو خاص، ومن ثم يحدث موائمة ما بين الصوت وحركة الدمى مع الديكورات المطلوبة لتجسيد مسرح الدمى.
وينتج كريرة قصصا مسرحية يقوم بنشرها عبر قناة خاصة به على اليوتيوب، حول بعض القيم والمواضيع التي تهم المرأة والطفل والمجتمع المحلي.
ولا يوجد مسرح متخصص للأطفال في قطاع غزة فيما تنظم مؤسسات محلية أنشطة محدودة يتخللها عروض للدمى. ويأمل كريرة وفريقه في أن يحظى هذا الفن بالدعم المناسب والترويج له لما يمكن أن يشكله من نقل رسائل اجتماعية وثقافية مهمة.