الكاتب اللبناني علي حرب
صعوبات انتقاد الغربيين للعالم الإسلامي
في البداية تحدث غابريلسن الذي يعمل في صحيفة مالية واقتصادية رأسمالية مع أنه معارض للرأسمالية وناقد لكافة جوانب الحضارة الغربية، على ما أشار الباحث العراقي النروجي وليد الكبيسي في تقديمه له. يعيش الكاتب في غابة في منزل لا ماء فيه ولا كهرباء بعيداً عدة كيلومترات عن خطوط المواصلات. عندما يذهب الى عمله، يستقل عربة تجرّها الكلاب، وعندما يرغب في الكتابة، يحمل حقيبة ظهره ويقضي أوقاتاً وحيداً في الغابة. كل هذه السلوكيات هي دلالة على معارضته للحضارة والقيم الغربية التي تسلب كثيراً مما تمنحه الطبيعة، بحسب الكبيسي.
في بداية حديثه، أشار غابريلسن الى أنه لم يكن ليُدعى الى ندوة تتحدث عمّا يمكن أن يستفيده العرب من الغرب في الغرب لأن هذا يعتبر نيو استعمار. ذكر استخدام ابن رشد وكتّاب عرب آخرين واللجوء اليهم في الكتابات التي تتناول العالم العربي، معلقاً على ذلك بقوله: "أشعر عندما أنتقد سياسات روسيا في الشيشان أنني لست مضطراً لذكر أدبهم الجيّد. العرب هم الوحيدون الذين نضطر لقول أشياء جيّدة عنهم عندما نتحدث عنهم بشكل سلبي".
لفت الكاتب النروجي الى قرار مجموعة كبيرة من الأميركيين الدفاع عن جيرانهم المسلمين واتصالهم بالمساجد للسؤال عن كيفية المساعدة بعد موجة الاعتداءات التي اعقبت عملية 11 أيلول، وجاء ذلك بعد أن قال الرئيس الاميركي السابق جورج بوش أن الإسلام دين سلام. كما لفت الى وصول ألفي باقة من الزهور الى صاحب متجر مسلم بعد تكسير زجاج متجره. وتساءل عن السبب الذي منعنا من السماع بهذه الروايات، مستخلصاً أن "القصة السيئة تسافر بسرعة أكبر مما تسافر القصة الجيّدة".
ولاحظ الكاتب وجهاً ايجابياً في ردّة الفعل الاوروبية على هجمات 7/7 و11/9 الإرهابية، فقد "أصبح القرآن كتاباً يباع بكثرة، وبدأ الغربيون يركزون على الإسلام والثقافة الإسلامية. فبات اولادنا يعرفون ماذا تعني كلمة "حاج" ومصطلح السنة الهجرية وغيره".
وتساءل الكاتب عمّا كان ليحصل لو أن صليبيين جدد اختطفوا طائرة، مجيباً انه "لكانت هناك ردّة فعل عربية كبيرة". واستغرب اهتمام الغربيين برأي الإمام لا برأي المعلّمين والصحافيين وغيرهم في المساءل التي تعني العالم الإسلامي.
غابريلسن أشار الى أن الدين هو فكرة موجودة عند النازيين والفاشيين والشيوعيين الذين يعلون أهمية كتب معيّنه ويلتفون حول ثقافة القائد الواحد. وختم محاضرته بالتساؤل عن السبب الذي يدعو العالم العربي الى التعلم من الغرب، مجيباً: "من الجيّد العيش في مجتمع علماني وإمكان الإنتقال من دين الى آخر دون التعرّض للقتل، هذا إضافة الى وقائع اقتصادية وديمغرافية مقلقة"، مستنتجاً أن "العرب لا يحتاجون الى قادة أفضل بل هم يحتاجون الى أفضل القادة لحلّ مشاكلهم".
نقد منطق الثنائيات الجامدة
ثم ألقى الكاتب اللبناني على حرب محاضرة افتتحها بقوله أن "الآخر هو شرطنا الوجودي في زمن اختلاط الحدود وتواطؤ الأضداد"،مشيراً الى أنه لا يدعو النروجيين آخراً "لأنه لا يوجد سوى الآخر شقيقاً كان أم قريباً. والمهم هو كيفية التعامل معه"، ملاحظاً أنه " بات الأخ في الدين او الشقيق في الوطن هو العدو كما تشهد النزاعات الداخلية في كثير من الدول العربية".
وانتقد حرب منطق الثنائيات التي تفصل كوضع الغرب مقابل الشرق مثلاً وذلك لأن هذه الثنائيات، من جهة "تطمس واقع التعدد والتنوّع في كل مجتمع"، ومن جهة أخرى، "تحجب واقع التبدّل والتأثر بين المجتمعات والثقافات إذ لا وجود لهوية ثقافية صافية كما يدّعي العنصريون".
وأشار الكاتب الى أن العرب والمسلمين في العصر العباسي استوعبوا الحضارات القديمة وجدّدوها واضافوا عليها، بينما "ما نجح به القدامى لم ينجح به المعاصرون في علاقتهم مع الثقافة الغربية الحديثة" وذلك نتيجة لشيوع آفات وعقائد تحول دون الإبتكار والإسهام في النظريات والمفاهيم والمناهج التي يتم تداولها في العالم.
وانتقد حرب حديث بعض المثقفين العرب عن الغزو الثقافي الغربي واصفاً هذا الميل بـ"الزيف الوجودي" لأن معارفهم وطرائق تفكيرهم ومفاهيمهم هي ثمرة للفكر الغربي. كما انتقد "الداء النرجسي" الذي يصيب بعض الذين يردّون العلوم الحديثة الى القرآن ويدّعون أسبقية الإسلام على الغرب في تبني العلمانية، مؤكداً أن مفاهيم الحرية والتقدم أخذناها عن الغرب.
وذكر الكاتب أن فكرة المواطنة الديمقراطية في العالم العربي احترمت في الفترة اللأحقة مباشرة على الإستعمار. بينما تراجعت هذه الفكرة في عهود حركات التحرر الوطني لأن المجتمعات تعسكرت نتيجة للعقل الشمولي والهاجس النضالي. والآن تنوء هذه الفكرة تحت وطأة الحركات الأصولية التي تضع مفاهيم الخلافة والفتوى والحجاب مكان الناس والحياة المشتركة.
وطالب حرب بالكف عن التعامل مع فكرة الحرية بوصفها فطرة او طبيعة او غريزة لأنها لو كانت كذلك لفقدت معناها ولأن هذا التعامل معها هو الذي حوّلها الى نقيضها على أرض الواقع. كما طالب بالكف عن اعتبار ان أزمة العقل أو محنته هي ذات مصدر خارجي وانه "يصنعها رجل دين او طاغية او شيطان يوسوس او تأتي من الآخر الذي يجتاح العقل لكي يفسده"، مؤكداً على كونها مشكلة داخلية تتمثل في قوالب العقل المتحجرة وتخيلاته الخادعة
في البداية تحدث غابريلسن الذي يعمل في صحيفة مالية واقتصادية رأسمالية مع أنه معارض للرأسمالية وناقد لكافة جوانب الحضارة الغربية، على ما أشار الباحث العراقي النروجي وليد الكبيسي في تقديمه له. يعيش الكاتب في غابة في منزل لا ماء فيه ولا كهرباء بعيداً عدة كيلومترات عن خطوط المواصلات. عندما يذهب الى عمله، يستقل عربة تجرّها الكلاب، وعندما يرغب في الكتابة، يحمل حقيبة ظهره ويقضي أوقاتاً وحيداً في الغابة. كل هذه السلوكيات هي دلالة على معارضته للحضارة والقيم الغربية التي تسلب كثيراً مما تمنحه الطبيعة، بحسب الكبيسي.
في بداية حديثه، أشار غابريلسن الى أنه لم يكن ليُدعى الى ندوة تتحدث عمّا يمكن أن يستفيده العرب من الغرب في الغرب لأن هذا يعتبر نيو استعمار. ذكر استخدام ابن رشد وكتّاب عرب آخرين واللجوء اليهم في الكتابات التي تتناول العالم العربي، معلقاً على ذلك بقوله: "أشعر عندما أنتقد سياسات روسيا في الشيشان أنني لست مضطراً لذكر أدبهم الجيّد. العرب هم الوحيدون الذين نضطر لقول أشياء جيّدة عنهم عندما نتحدث عنهم بشكل سلبي".
لفت الكاتب النروجي الى قرار مجموعة كبيرة من الأميركيين الدفاع عن جيرانهم المسلمين واتصالهم بالمساجد للسؤال عن كيفية المساعدة بعد موجة الاعتداءات التي اعقبت عملية 11 أيلول، وجاء ذلك بعد أن قال الرئيس الاميركي السابق جورج بوش أن الإسلام دين سلام. كما لفت الى وصول ألفي باقة من الزهور الى صاحب متجر مسلم بعد تكسير زجاج متجره. وتساءل عن السبب الذي منعنا من السماع بهذه الروايات، مستخلصاً أن "القصة السيئة تسافر بسرعة أكبر مما تسافر القصة الجيّدة".
ولاحظ الكاتب وجهاً ايجابياً في ردّة الفعل الاوروبية على هجمات 7/7 و11/9 الإرهابية، فقد "أصبح القرآن كتاباً يباع بكثرة، وبدأ الغربيون يركزون على الإسلام والثقافة الإسلامية. فبات اولادنا يعرفون ماذا تعني كلمة "حاج" ومصطلح السنة الهجرية وغيره".
وتساءل الكاتب عمّا كان ليحصل لو أن صليبيين جدد اختطفوا طائرة، مجيباً انه "لكانت هناك ردّة فعل عربية كبيرة". واستغرب اهتمام الغربيين برأي الإمام لا برأي المعلّمين والصحافيين وغيرهم في المساءل التي تعني العالم الإسلامي.
غابريلسن أشار الى أن الدين هو فكرة موجودة عند النازيين والفاشيين والشيوعيين الذين يعلون أهمية كتب معيّنه ويلتفون حول ثقافة القائد الواحد. وختم محاضرته بالتساؤل عن السبب الذي يدعو العالم العربي الى التعلم من الغرب، مجيباً: "من الجيّد العيش في مجتمع علماني وإمكان الإنتقال من دين الى آخر دون التعرّض للقتل، هذا إضافة الى وقائع اقتصادية وديمغرافية مقلقة"، مستنتجاً أن "العرب لا يحتاجون الى قادة أفضل بل هم يحتاجون الى أفضل القادة لحلّ مشاكلهم".
نقد منطق الثنائيات الجامدة
ثم ألقى الكاتب اللبناني على حرب محاضرة افتتحها بقوله أن "الآخر هو شرطنا الوجودي في زمن اختلاط الحدود وتواطؤ الأضداد"،مشيراً الى أنه لا يدعو النروجيين آخراً "لأنه لا يوجد سوى الآخر شقيقاً كان أم قريباً. والمهم هو كيفية التعامل معه"، ملاحظاً أنه " بات الأخ في الدين او الشقيق في الوطن هو العدو كما تشهد النزاعات الداخلية في كثير من الدول العربية".
وانتقد حرب منطق الثنائيات التي تفصل كوضع الغرب مقابل الشرق مثلاً وذلك لأن هذه الثنائيات، من جهة "تطمس واقع التعدد والتنوّع في كل مجتمع"، ومن جهة أخرى، "تحجب واقع التبدّل والتأثر بين المجتمعات والثقافات إذ لا وجود لهوية ثقافية صافية كما يدّعي العنصريون".
وأشار الكاتب الى أن العرب والمسلمين في العصر العباسي استوعبوا الحضارات القديمة وجدّدوها واضافوا عليها، بينما "ما نجح به القدامى لم ينجح به المعاصرون في علاقتهم مع الثقافة الغربية الحديثة" وذلك نتيجة لشيوع آفات وعقائد تحول دون الإبتكار والإسهام في النظريات والمفاهيم والمناهج التي يتم تداولها في العالم.
وانتقد حرب حديث بعض المثقفين العرب عن الغزو الثقافي الغربي واصفاً هذا الميل بـ"الزيف الوجودي" لأن معارفهم وطرائق تفكيرهم ومفاهيمهم هي ثمرة للفكر الغربي. كما انتقد "الداء النرجسي" الذي يصيب بعض الذين يردّون العلوم الحديثة الى القرآن ويدّعون أسبقية الإسلام على الغرب في تبني العلمانية، مؤكداً أن مفاهيم الحرية والتقدم أخذناها عن الغرب.
وذكر الكاتب أن فكرة المواطنة الديمقراطية في العالم العربي احترمت في الفترة اللأحقة مباشرة على الإستعمار. بينما تراجعت هذه الفكرة في عهود حركات التحرر الوطني لأن المجتمعات تعسكرت نتيجة للعقل الشمولي والهاجس النضالي. والآن تنوء هذه الفكرة تحت وطأة الحركات الأصولية التي تضع مفاهيم الخلافة والفتوى والحجاب مكان الناس والحياة المشتركة.
وطالب حرب بالكف عن التعامل مع فكرة الحرية بوصفها فطرة او طبيعة او غريزة لأنها لو كانت كذلك لفقدت معناها ولأن هذا التعامل معها هو الذي حوّلها الى نقيضها على أرض الواقع. كما طالب بالكف عن اعتبار ان أزمة العقل أو محنته هي ذات مصدر خارجي وانه "يصنعها رجل دين او طاغية او شيطان يوسوس او تأتي من الآخر الذي يجتاح العقل لكي يفسده"، مؤكداً على كونها مشكلة داخلية تتمثل في قوالب العقل المتحجرة وتخيلاته الخادعة


الصفحات
سياسة








