نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


ليبيا تتكتم على صحته وأميركا تضغط لكشف حقيقته أما لوكربي فقد ملت من حكاية المقرحي




لوكربي - كاترين هادون - بعد 22 عاما على تحطم طائرة البوينغ الاميركية فوق لوكربي، تريد البلدة الاسكتلندية الانتقال الى امور اخرى على الرغم من الجدل حول الافراج عن عبد الباسط المقرحي المدان الوحيد في قضية هذا الاعتداء وغير ملل البلدة الاسكتلندية من قصته ما تزال جهات اخرى تستثمرها فالولايات المتحدة تضغط على بريتش بتروليوم لكشف دورها في الافراج عنه اما ليبيا وكما جاء في تقرير مطول اليوم فتتكتم على اخبار صحته لاسبابها الخاصة وفي ما يلي ثلاثة تقارير من زوايا مختلفة تعالج جريمة غامضة وموضوعا يرفض ان يختفي


المقرحي ...مريض ذو طبيعة خاصة
المقرحي ...مريض ذو طبيعة خاصة
في 21 كانون الاول/ديسمبر 1988 تحطمت الطائرة التابعة لشركة بانام الاميركية في رحلتها رقم 103 بين لندن ونيويورك فوق لوكربي، مما ادى الى مقتل 270 شخصا بينهم احد عشر شخصا من سكان البلدة.
وعندما سقط جناحا طائرة البوينغ 747 على شارع شيروود كريشنت، محت كتلة لهب كل شيء ولم تترك سوى حفرة هائلة. وقتل في الكارثة احد عشر من سكان الشارع، الى جانب ركاب الطائرة ال259.

وقد اعيد بناء شارع شيروود كرينت وعاد من جديد شارعا هادئا ببيوته المتواضعة المبنية بالآجر والحدائق الجميلة التي تشتهر بها المنطقة.
ومثل الشارع الذي اعيد تأهيله ليصبح كما لو ان اي حادث لم يقع، تريد لوكربي ان يسمح لها لا بنسيان الحادث لانه امر مستحيل، بل على الاقل بالبحث في قضايا اخرى.

لكن الامر بالغ الصعوبة في ظل الذكريات المحزنة التي تثيرها ذكرى مرور عام على اطلاق سراح عبد الباسط المقرحي واهتمام وسائل الاعلام بالبلدة.
وكان السجين الليبي اطلق سراحه في 20 آب/اغسطس 2009 من سجن اسكتلندي لاسباب صحية بعدما رأت سلطات المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي انه يعاني من سرطان في مراحله النهائية.

وقال اطباؤه عند الافراج عنه انه لن يعيش اكثر من ثلاثة اشهر بينما ما زال هذا القرار يثير جدلا حادا خصوصا في الولايات المتحدة التي جاء معظم ضحايا الاعتداء منها.
وفي اسكتلندا، الوضع مختلف. فالبعض ما زالوا يرون ان الليبي ليس المذنب الحقيقي.

وقال الاب باتريك كيغانز الذي كان يعيش في البيت الوحيد الذي لم يدمر في شيروود كريشنت ان ادانة المقرحي "تحيط بها شكوك كبيرة" حتى الآن.
واضاف القس الذي ينتمي الى منظمة اطلق عليها اسم "العدالة للمقرحي" ان "الناس لن يرتاحوا قبل كشف كل الحقيقة لان الحقيقة وحدها تسمح لنا بمواجهة هذا النوع من القضايا واعادة بناء حياتنا".
بالمقابل يرى آخرون ان الليبي كان ينبغي ان ينهي حياته في سجن اسكتلندي.

وقال احد سكان المنطقة وهو من القلائل النادرين الذين وافقوا على التحدث "اعتقد انه كان يجب ان يموت هنا ويعاد جثمانه الى بلده بعد ذلك".
واضاف ان "كثيرين هنا لن يعود اقرباؤهم لهم".
ورفض وزير العدل الاسكتلندي كيني ماك اسكيل الذي اتخذ قرار اطلاق سراح المقرحي الادلاء باي تعليق لفرانس برس.
وكرر ناطق باسم حكومة المقاطعة في بيان ان مهلة الثلاثة اشهر التي حددت للمقرحي "معقولة".

وقال المتحدث "كما قلنا عند اطلاق سراحه يمكنه ان يعيش لفترة طويلة او يموت قبل ذلك لكن الامر الاكيد انه في المراحل الاخيرة من المرض".
لكن الجدل لا فائدة منه. فما يريده سكان لوكربي هو ان "يصبح كل شيء وارءهم"، على حد قول النائبة في البرلمان الاسكتلندي ايلين موراي.
واضافت ان "معظم السكان يفضلون ان تشتهر البلدة بشيء آخر".

وعند مدخل لوكربي، نصب لضحايا الكارثة هو عبارة حجر كبير يضم لائحة باسماء الضحايا بينما وضع كتاب ذهبي ليكتب الزوار من جميع انحاء العالم تعليقاتهم.
وكتب احدهم "يمكن وقف الكراهية"، بينما يطلب آخر "دعوهم يرتاحون في سلام".

ومن واشنطن كتب اوليفييه نوكس قائلا : تواجه بريتش بتروليوم حملة شرسة في الولايات المتحدة، حيث اضافة الى تحميلها مسؤولية البقعة النفطية التي لوثت خليج المكسيك لثلاثة اشهر، يتهم اعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي المجموعة البريطانية العملاقة بالضغط للافراج عن الليبي عبد الباسط المقرحي مقابل عقود نفطية.

فبعد ان استبد بهم الغضب من "المناورات التسويفية" لبي بي والحكومتين البريطانية والاسكتلندية، وجه بعض اعضاء مجلس الشيوخ دعوة الى افشاء اسرار المجموعة للحصول على معلومات عن صفقات سرية محتملة تتعلق بالافراج عن المقرحي الذي جرى منذ عام.

وكان القضاء الاسكتلندي افرج في آب/اغسطس 2009 عن المقرحي، المدان الوحيد في حادث تفجير طائرة بان اميركان فوق قرية لوكربي الاسكتلندية عام 1988 الذي راح ضحيته 270 قتيلا بينهم 189 اميركيا، وذلك بعد ان اعتبر الاطباء ان اصابته بالسرطان لن تمهله اكثر من ثلاثة اشهر على قيد الحياة. لكن وبعد مرور عام على عودته الى ليبيا حيث استقبل استقبال الابطال ما زال المقرحي حيا يرزق.

ويريد اعضاء مجلس الشيوخ، الذين وعدوا من يقدم معلومات بعدم الكشف عن هويته اذا ما رغب في ذلك، الحصول على اكبر قدر ممكن من المعلومات قبل جلسة الاستجواب العامة التي تعد لجنة الشؤون الخارجية للمجلس لعقدها في ايلول/سبتمبر المقبل. ويشتبه هؤلاء في ان بي بي استغلت نفوذها لممارسة ضغوط على الحكومتين البريطانية والاسكتلندية للافراج عن المقرحي والحصول على عقد امتياز بقيمة 900 مليون دولار للتنقيب عن النفط قبالة الساحل الليبي.
وقد نفت بي بي والحومتان المعنيتان هذا الاتهام.
الا ان بريتش بتروليوم اقرت بانها مارست ضغوطا على لندن للتعجيل بعقد اتفاق لتسليم السجناء مع ليبيا مقابل الحصول على عقود في هذا البلد، مؤكدة في الوقت نفسه انها لم تشدد ابدا على حالة المقرحي تحديدا.

وكانت جلسة اولى مقررة في تموز/يوليو الغيت بسبب رفض الكثير من الشهود ومن بينهم المدير العام الحالي للشركة توني هيوارد، الذي سيترك منصبه قريبا، المثول امام اللجنة. ويريد اعضاء المجلس الاستماع ايضا الى مارك الين الموظف السابق في جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية "ام آي 6" الذي يعمل لدى بريتش بتروليوم، والى وزير العدل السابق جاك سترو.

واعلن رئيس الوزراء الاسكتلندي الكس سالموند استعداده للقاء سناتورات اميركيين في بريطانيا لكنه رفض رفضا باتا مثول وزير العدل في حكومته امام لجنة لمجلس الشيوخ، مشددا على ان اي وزير اميركي لن يقبل مثل هذا الطلب من بلد اجنبي.
وقد شددت ادارة اوباما الضغوط على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي قالت في منتصف تموز/يوليو لنظيرها البريطاني ويليام هيغ ان كل يوم يقضيه المقرحي حرا يعد "اهانة" لاسر ضحايا اعتداء لوكربي.

وخلال زيارته للولايات المتحدة قبل ذلك بايام اعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اجراء دراسة جديدة لملف المقرحي لكنه استبعد اعادة فتح التحقيق ونفى ان تكون بي بي مارست اي نفوذ على موظفين بريطانيين.
كما وافق كاميرون في آخر لحظة على بحث المسألة مع سناتورات اميركيين، واثر اللقاء لم يستبعد السناتور الديموقراطي تشارلز شومر اجراء تحقيق جديد.

ومن طرابلس كتبت عفاف قبلاوي : بعد عام على اطلاق سراح عبد الباسط المقرحي لاسباب صحية، تتكتم السلطات الليبية على الحالة الصحية لرجل الاستخبارات الليبية السابق والوحيد الذي حوكم وسجن في قضية لوكربي التي اثارت غضب الاسرة الدولية من طرابلس.
وكان حكم على المقرحي (58 عاما) بالسجن مدى الحياة في قضية تفجير طائرة بوينغ مدنية تابعة لشركة بانام الاميركية فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية في 1988 ما ادى الى مقتل 270 شخصا.

وافرجت الحكومة الاسكتلندية في آب/اغسطس 2009 عن المقرحي المصاب بسرطان البروستات بعدما قال اطباؤه ان المرض في مراحل متقدمة ولم يبق امامه سوى ثلاثة اشهر للعيش.
لكنه لا يزال على قيد الحياة بعد مرور عام على اطلاق سراحه مما يثير جدلا في بريطانيا والولايات المتحدة التي جاء منها معظم ضحايا الاعتداء.

وتتكتم ليبيا على الوضع الصحي للمقرحي الذي كان آخر ظهور علني له في ايلول/سبتمبر 2009. ونشر التقرير الطبي الوحيد عنه في كانون الاول/ديسمبر 2009.
وقال الاطباء في هذا التقرير ان المرض الذي يعاني منه استفحل وانه يتلقى علاجا كيميائيا بشكل مستمر.
ومنذ ذلك التاريخ لم ينشر اي خبر رسمي عن وضعه الصحي، فقد فضلت وسائل الاعلام المحلية التزام الصمت حول هذا الموضوع بينما تقول السلطات الليبية انها "تريد ان تتركه بسلام".

وفي ايار/مايو الماضي قال سيف الاسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي والذي لعب دورا اساسيا في المفاوضات التي انتهت بالافراج عن المقرحي ان الاخير "ما زال مريضا جدا ويشكو من السرطان في مرحلة متقدمة".
ويقول اقارب له انه "يعيش منعزلا مع عائلته في بيته في حي دمشق الراقي في مدينة طرابلس والمحروس بشكل مستمر".

واكد احد اقارب المقرحي انه "لا يزور اخوته او اصدقاءه ولا يخرج الا الى المستشفى او لزيارة امه احيانا"، مؤكدا ان "حالته الصحية مستقرة وانه مستمر في تلقي العلاج بانتظام".
ويقول الطبيب والمحلل السياسي يوسف الختالي ان "ملف لوكربي طوي وليبيا لن تبقى اسيرة الماضي. نحن نتطلع الى المستقبل ولن ندفع فاتورة اخرى للماضي".

ويؤكد الختالي انه "لا يوجد طبيب في العالم يمكنه تحديد موت مريض او حياته"، موضحا ان "ما نملكة كاطباء مجرد توقعات".
ويتابع ان "موته (المقرحي) وحياته بأمر الله وليست بيد احد وتحسن حالته يعود الى العامل النفسي بعد عودته الى عائلته".

وعادت ليبيا، التي كانت متهمة بالارهاب، الى المجتمع الدولي بعد تخليها في 2003 عن اسلحة الدمار الشامل وقبولها في 2007 دفع تعويضات لضحايا لوكربي.
وشكل اطلاق سراح المقرحي منعطفا كبيرا في العلاقات بين بريطانيا وليبيا التي تملك احتياطيا كبيرا من النفط والغاز.
وتقول سميرة علي الاستاذة في كلية العلوم السياسية في طرابلس متسائلة "لماذا يستعجلون موت المقرحي؟ انه منتهى اللاانسانية".

وترى سميرة علي ان الازمة بين بريطانيا والولايات المتحدة حول اطلاق سراح المقرحي ليست سوى "محاولة للزج باسم ليبيا وتشويه صورتها".
وتحدث الختالي من جهته عن "عن تصفية حسابات داخلية في بريطانيا والولايات المتحدة وبين الشركات للضغط على شركة بي بي (بريتش بتروليوم) خصوصا بعد تسرب النفط في خليج المكسيك".

وتتهم الولايات المتحدة مجموعة "بي بي" البريطانية بالضغط على السلطات الاسكتلندية للافراج عن السجين الليبي مقابل حصولها على عقد للتنقيب عن النفط في ليبيا.
ونفت الحكومة الاسكتلندية بشدة ذلك.
ويوم اطلاق سراح المقرحي، قال سيف الاسلام ان قضيته كانت دائما على طاولة المفاوضات مع لندن.

ونفى شكري غانم رئيس المؤسسة الوطنية للنفط بشدة في تصريحات سابقة ان تكون هناك صفقة سياسية في عقد ليبيا مع شركة بي بي.
وقال ان بريتش بتروليوم "شركة كبيرة ولا تحتاج الى صفقة سياسية للدخول الى ليبيا التي تسعى الى رفع كفاءة مستوى انتاجها".

واكد ان "الاتفاق الذي وقعتة ليبيا مع بي بي من افضل العقود" التي ابرمتها طرابلس.
وترى ليبيا انها تخلصت بحل قضية لوكربي من "التهديدات الاجنبية" وتمكنت من الالتفات الى تحسين وتطوير بنيتها التحتية والاقتصادية.

كاثرين هادون - اوليفيه نوكس وعفاف قبلاوي
الخميس 19 غشت 2010