الرسام المغربي عبد الله الحريري امام احدى لوحاته
فقد استغل بيت الشعر واتحاد كتاب المغرب،مناسبة معرضه المقام حاليا في رواق باب الرواح،بمدينة الرباط،تحت شعار" غيبوبات..بعثات"، والذي يضم ثلاثة وثلاثين لوحة هي أخر مارسمته ريشته في الثلاث سنوات الأخيرة،فنظما له،بدعم من وزارة الثقافة، حفلا تكريميا يليق بقامته وعطائه كفنان تشكيلي ارتبط أشد مايكون الارتباط بالإبداع والشعر.
حملت الأمسية إسم "جماليات الكتاب المغربي" في إحالة ودلالة على إسهام الحريري من موقعه كرسام في إضفاء لمسات من السحر على أغلفة الكتب، وصفحاتها الداخلية برؤية فنية جديدة،تتماوج بالخيال المجنح في عوالم الروعة .
على وقع الموسيقى،انطلقت الأمسية، وسط لوحات الحريري،بقراءات شعرية،وشهادات حية، في حقه، مستحضرة محطات من مسيرته كفنان، وملامح من تجربته الشخصية كإنسان.
إدريس الخوري، القاص والكاتب المغربي المعروف،استعرض ذكرياته مع الحريري،منذ أيام الصبا في شوارع مدينة الدار البيضاء، والدراسة في بعض مدارسها، قبل أن يفرد هذا الأخير جناحيه،ويحلق بعيدا نحو سماوات أخرى في أوروبا،لدراسة فنون التشكيل،ثم يعود بعد ذلك ليكرس وقته وريشته في خدمة الحركة التشكيلية في بلده،لتجديد شرايينها، إلى جانب عدد من الأسماء المفعمة بروح الشباب.
وأشاد الخوري بتصميم الحريري لمجموعة من الأغلفة، لكتب ومجلات يطول سردها،يكفي أن يكون من بينها أغلفة مجلة بيت الشعر وأغلفة بعض كتب دار النشر "توبقال"،حيث أبان من خلالها المحتفى به على "قدرته على زرع الجمال في الكتاب"،حسب تعبير الخوري.
واختار مبدعون وشعراء من بينهم عزيز أزغاي، وإكرام عبدي، وحفصة بكري الأمراني، والشاعر العراقي علي البزاز، و مراد القادري أن ينشدوا قصائد من الشعر،بمصاحبة خلفية موسيقية لأوتار القيثارة،مما منح للأمسية نكهة حميمية، ودفئا جميلا،بينما كانت الأمطار في تلك اللحظات تعزف في فضاء مدينة الرباط لحن العناق بين الأرض والسماء.
أصدقاؤه الحميميون،تحدثوا عن خصاله المتسمة بالتواضع والبساطة والكرم في العطاء، والجنوح نحو الحرص دائما على الدقة والإتقان، وتشجيعه للشباب وللأطفال على السواء والأخذ بأيديهم في بداية المشوار،وتشبعه بكل القيم الإنسانية النبيلة،واغترافه من ينابيع العلم والمعرفة لبلورة مساره التشكيلي،وخاصة فيما يتعلق برسمه للحرف العربي في أشكال مختلفة تجعل منه مصدرا للإبداع في أجمل صوره.
ويستمر معرض الحريري مفتوحا إلى غاية الواحد والعشرين من الشهر الجاري،مستقطبا كل يوم زوارا من مختلف الفئات والأعمار، والمستويات الثقافية،ولاسيما الأساتذة الجامعيون والطلبة والمثقفون، لقرب رواق باب الرواح من الكليات والمعاهد، ومن المكتبة الوطنية التي تعج عادة بالمحاضرات والأنشطة الثقافية.
وبشهادة كل المتتبعين لرحلته الفنية، فإن معرضه الحالي يجسد التجديد الذي طال فنه،"فأغلب أعمال الحريري الجديدة، يقول الشاعر عزيز أزغاي، في كلمة تقديمية للمعرض،هي تجريب جديد يتم الاشتغال فيه على مختلف المكونات التشكيلية والجمالية التي جربها الفنان طوال مسيرته الإبداعية." وهي تمتد لأكثر من أربعة عقود.
أما الشاعر حسن نجمي،فيرى أن المرحلة الحالية وصلها الحريري"بعد أن عبر محطات متعددة من التجريب الكاليغرافي(العربي أساسا، والأمازيغي،واللاتيني أحيانا) واستيحاء التركيب الهندسي للزليج المغربي،والاشتغال الكلي المطلق على اللون الأسود في شبه ارتماءة مغامرة في الفراغ الهائل،وتجريب المادة اللاصقة محترقة بالنار. وهل ينسى المتتبع لمسار الحريري انخراطه الواسع الغني في الديناميات الاجتماعية للتعبير البصري، في الملصقات وأغلفة الكتب، والعلامات التجارية، واللافتات والجداريات..؟"
وقال عبد الله الحريري في تصريح لصحيفة" الهدهد" الدولية ،إن الحرف العربي بقي حاضرا دائما في تجربته، بطريقة أو أخرى، "لدرجةأنه ظل لصيقا بي" حسب تعبيره.
بيد أنه سرعان مايوضح:"أنا فنان تشكيلي أساسا،والحرف ليست وحده العمود الفقري لأسلوبي في البحث والاجتهاد،" مشبها الحرف "بأنه مثل كمان وسط جوق موسيقي من خمسين عازفا،له دور في سمفونية تناغم الألوان."
ويعترف الحريري،الذي صاحبه اللون الأسود طويلا في مساره،أن ثمة لون لم يستعمله من قبل إطلاقا،رغم ممارسته للرسم لأكثر من 43سنة،"الأ وهو اللون الأخضر، ولذلك تعاملت معه في المعرض الحالي،بنوع من الجرأة، وأحسست به يحررني من مجموعة من الأشياء،يحضر فيها الصراع بين المرئي واللامرئي،والتشخيص والتجريد، والمعقول واللامعقول."
أخيرا،هذا هو الحريري، فنان يتجدد باستمرار، رافضا للجمود،أو البقاء في نسق فني معين،ومن الواضح أن الحروف والعلامات توارت في لوحاته الجديدة إلى الوراء،أو وسط اللوحة، او استكانت داخلها، لكنها رغم ذلك، تظل حاضرة،تطل برأسها، معلنة العصيان على صاحبها، الذي يبدو، كأنه يريد التقليص منها،أو تصغيرها، أو الفكاك من شباكها الآسرة التي هيمنت عليه فترة من الزمن. وهو ماعبر عنه حسن نجمي بقوله في دليل المعرض" هذه المرة،يذهب الحريري عميقا في تجريد خطابه التشكيلي،كأنه يحاول أن يتخلى عن سوابقه التقنية والجمالية،بما فيها"اللعنة" الكاليغرافية الجميلة التي ظلت تطبع شخصيته الفنية والثقافية،وذلك من اجل بناء لغة بصرية خالصة لاتمثل بالضرورة المظاهر المرئية المباشرة للفضاء الملموس وتعبيرات العالم الخارجي."
حملت الأمسية إسم "جماليات الكتاب المغربي" في إحالة ودلالة على إسهام الحريري من موقعه كرسام في إضفاء لمسات من السحر على أغلفة الكتب، وصفحاتها الداخلية برؤية فنية جديدة،تتماوج بالخيال المجنح في عوالم الروعة .
على وقع الموسيقى،انطلقت الأمسية، وسط لوحات الحريري،بقراءات شعرية،وشهادات حية، في حقه، مستحضرة محطات من مسيرته كفنان، وملامح من تجربته الشخصية كإنسان.
إدريس الخوري، القاص والكاتب المغربي المعروف،استعرض ذكرياته مع الحريري،منذ أيام الصبا في شوارع مدينة الدار البيضاء، والدراسة في بعض مدارسها، قبل أن يفرد هذا الأخير جناحيه،ويحلق بعيدا نحو سماوات أخرى في أوروبا،لدراسة فنون التشكيل،ثم يعود بعد ذلك ليكرس وقته وريشته في خدمة الحركة التشكيلية في بلده،لتجديد شرايينها، إلى جانب عدد من الأسماء المفعمة بروح الشباب.
وأشاد الخوري بتصميم الحريري لمجموعة من الأغلفة، لكتب ومجلات يطول سردها،يكفي أن يكون من بينها أغلفة مجلة بيت الشعر وأغلفة بعض كتب دار النشر "توبقال"،حيث أبان من خلالها المحتفى به على "قدرته على زرع الجمال في الكتاب"،حسب تعبير الخوري.
واختار مبدعون وشعراء من بينهم عزيز أزغاي، وإكرام عبدي، وحفصة بكري الأمراني، والشاعر العراقي علي البزاز، و مراد القادري أن ينشدوا قصائد من الشعر،بمصاحبة خلفية موسيقية لأوتار القيثارة،مما منح للأمسية نكهة حميمية، ودفئا جميلا،بينما كانت الأمطار في تلك اللحظات تعزف في فضاء مدينة الرباط لحن العناق بين الأرض والسماء.
أصدقاؤه الحميميون،تحدثوا عن خصاله المتسمة بالتواضع والبساطة والكرم في العطاء، والجنوح نحو الحرص دائما على الدقة والإتقان، وتشجيعه للشباب وللأطفال على السواء والأخذ بأيديهم في بداية المشوار،وتشبعه بكل القيم الإنسانية النبيلة،واغترافه من ينابيع العلم والمعرفة لبلورة مساره التشكيلي،وخاصة فيما يتعلق برسمه للحرف العربي في أشكال مختلفة تجعل منه مصدرا للإبداع في أجمل صوره.
ويستمر معرض الحريري مفتوحا إلى غاية الواحد والعشرين من الشهر الجاري،مستقطبا كل يوم زوارا من مختلف الفئات والأعمار، والمستويات الثقافية،ولاسيما الأساتذة الجامعيون والطلبة والمثقفون، لقرب رواق باب الرواح من الكليات والمعاهد، ومن المكتبة الوطنية التي تعج عادة بالمحاضرات والأنشطة الثقافية.
وبشهادة كل المتتبعين لرحلته الفنية، فإن معرضه الحالي يجسد التجديد الذي طال فنه،"فأغلب أعمال الحريري الجديدة، يقول الشاعر عزيز أزغاي، في كلمة تقديمية للمعرض،هي تجريب جديد يتم الاشتغال فيه على مختلف المكونات التشكيلية والجمالية التي جربها الفنان طوال مسيرته الإبداعية." وهي تمتد لأكثر من أربعة عقود.
أما الشاعر حسن نجمي،فيرى أن المرحلة الحالية وصلها الحريري"بعد أن عبر محطات متعددة من التجريب الكاليغرافي(العربي أساسا، والأمازيغي،واللاتيني أحيانا) واستيحاء التركيب الهندسي للزليج المغربي،والاشتغال الكلي المطلق على اللون الأسود في شبه ارتماءة مغامرة في الفراغ الهائل،وتجريب المادة اللاصقة محترقة بالنار. وهل ينسى المتتبع لمسار الحريري انخراطه الواسع الغني في الديناميات الاجتماعية للتعبير البصري، في الملصقات وأغلفة الكتب، والعلامات التجارية، واللافتات والجداريات..؟"
وقال عبد الله الحريري في تصريح لصحيفة" الهدهد" الدولية ،إن الحرف العربي بقي حاضرا دائما في تجربته، بطريقة أو أخرى، "لدرجةأنه ظل لصيقا بي" حسب تعبيره.
بيد أنه سرعان مايوضح:"أنا فنان تشكيلي أساسا،والحرف ليست وحده العمود الفقري لأسلوبي في البحث والاجتهاد،" مشبها الحرف "بأنه مثل كمان وسط جوق موسيقي من خمسين عازفا،له دور في سمفونية تناغم الألوان."
ويعترف الحريري،الذي صاحبه اللون الأسود طويلا في مساره،أن ثمة لون لم يستعمله من قبل إطلاقا،رغم ممارسته للرسم لأكثر من 43سنة،"الأ وهو اللون الأخضر، ولذلك تعاملت معه في المعرض الحالي،بنوع من الجرأة، وأحسست به يحررني من مجموعة من الأشياء،يحضر فيها الصراع بين المرئي واللامرئي،والتشخيص والتجريد، والمعقول واللامعقول."
أخيرا،هذا هو الحريري، فنان يتجدد باستمرار، رافضا للجمود،أو البقاء في نسق فني معين،ومن الواضح أن الحروف والعلامات توارت في لوحاته الجديدة إلى الوراء،أو وسط اللوحة، او استكانت داخلها، لكنها رغم ذلك، تظل حاضرة،تطل برأسها، معلنة العصيان على صاحبها، الذي يبدو، كأنه يريد التقليص منها،أو تصغيرها، أو الفكاك من شباكها الآسرة التي هيمنت عليه فترة من الزمن. وهو ماعبر عنه حسن نجمي بقوله في دليل المعرض" هذه المرة،يذهب الحريري عميقا في تجريد خطابه التشكيلي،كأنه يحاول أن يتخلى عن سوابقه التقنية والجمالية،بما فيها"اللعنة" الكاليغرافية الجميلة التي ظلت تطبع شخصيته الفنية والثقافية،وذلك من اجل بناء لغة بصرية خالصة لاتمثل بالضرورة المظاهر المرئية المباشرة للفضاء الملموس وتعبيرات العالم الخارجي."


الصفحات
سياسة








