نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


"محكيات" الصحفي محمد مسعاد تسعى لإعادة تعريف أدب الهجرة




تونس - طارق القيزاني–- لا يجد الصحفي المغربي محمد مسعاد صعوبة تذكر في أن يعيش بين عالمين في آن واحد، تماما مثل مزجه بين الصحافة والأدب في كتابة روايته الجديدة "محكيات نظرات الخائن".

والرواية هي الكتاب الجديد الذي صدر لمسعاد في نهاية 2019 بعد اصداريه "زغب المياه الراكدة" عام 2008 و"ظلم الأقوى" عام 2009 وهي ترجمة مشتركة لخطب ومقالات الكاتب العالمي جونتر جراس.

تضم الرواية الجديدة 162 صفحة من الحجم المتوسط وقد صدرت عن "دار الدراويش" المغربية للنشر ومقرها بلغاريا. يصنف الكاتب الرواية ضمن المحاولات الجادة لمراجعة أدب الهجرة من حيث الصياغة والمضمون.


يعتبر محمد مسعاد المصور التلفزيوني الذي قضى أكثر من 20 عاما في المهجر متنقلا بين المدن الألمانية، الأقاصيص التي تضمنها الكتاب منطلقا لنقل رؤيته وتجربته إلى القارئ من خلال التنقل بين البلد الأصل وبلد الاستقبال.

ويضيف محمد على ذلك في حديثه مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ) "المحكيات قد تبدو متفرقة لا رابط بينها، غير أن لها من التوابل الحكائية والشخوصية والأحداث والفضاءات ما يجعلها جسر عبور بين العوالم والأجناس الأدبية".

ويقول محمد "الكاتب دعوة للتفكير في أدب الهجرة والتنقل السلس بين المكان والزمان. إنها محكيات لأسرار وإفشاء عن تلك الروح التجانسية السردية، التي تقدم الوقائع من زوايا مختلفة في علاقتها المتماثلة بتجربة كل المهاجرين الواعين بالترحال".

غير أن الكتاب ينطوي أيضا على معالجة قضايا التباين الثقافي والاجتماعي بين الشمال والجنوب على الرغم من الادعاء القائل بعوملة الثقافة والقيم.

في الرواية تخوض "صليحة" الشخصية الرئيسية مسارا متعرجا في حياتها بين المدن المغربية، حاملة لشهادة جامعية بعد أن تلقت وعدا بوظيفة، غير أن البحث أعياها دون ان تنال مرادها.

وبينما ينتهي مشوار البحث المرهق لصليحة بالزواج من "عربي" المهاجر في ألمانيا ليمثل بذلك طوق نجاة ظاهريا لها، فإن تحديات أخرى تطرأ امامها في المهجر مع زوجها الذي لا تعرف عنه شيء.

يطرح الكتاب في بعض جوانبه جدلية الهوية والمكان، بجانب الشعور المشتت للاجئ العربي في محيط تسيطر عليه مشاعر الخوف من الإسلام والتوجس من العرب.

ويمثل "العربي" أحد أوجه هذا التشتت تحت وطأة الرغبة الجنسية المنفلتة من عقالها في أوروبا، وهو أمر أوجد أزمة مع زوجته صليحة لينتهي بها المطاف في دار النساء الهاربات من أزواجهن.

وعبر المحكيات في الرواية يلجأ الراوي الى استحضار الماضي بين أحياء الدار البيضاء ولكن يراوح في ذلك بصور من الحاضر بين تنقلاته في المدن الألمانية.

وفي ذلك يقول محمد "حين يكون البطل في ألمانيا يحن إلى الدار البيضاء، وعندما يكون في البيضاء يشتاق إلى فضاءات ألمانيا. إذا كان الزمن بالمعنى الأرسطي خط مستقيم، فإنه في المحكيات شماعة يعلق عليها البطل ذكرياته وأماله وآلامه".

ولكن الرواية لا تغفل في مواقف محددة أيضا عن التلميح الى واقع اللاجئ في ألمانيا اليوم.

وفي هذه النقطة لا يخفي محمد مسعاد في شرحه، الصراع المستمر بداخل اللاجئ مضيفا بالقول "إن اللاجئ في حالة فرار دائم، يعيش حالة طوارئ، تجعله مجردا من جميع الحقوق، وشخص غير مرغوب فيه من طرف الجميع".

ويتابع مسعاد "إن اللاجئ من جهة والفرداني المتعصب من جهة أخرى، هما على طرفي نقيض في الصراع من أجل الوطن والهوية".

وفي اثارته لمفهوم الهوية يذهب الكاتب الى حد التساؤل في الرواية عن مشاركة الجندي المغربي في حرب لا تخصه أيام الاستعمار الفرنسي، عندما تم الزج به في حرب فيتنام عام 1954 بعيدا عن وطنه المغرب.

يعتبر مسعاد بأن سؤال الهوية والتشرذم يظل أساسيا في أدب الهجرة، غير أن المعالجة حسب تقديره في زمن العولمة، تختلف عن المعالجة ذاتها في زمن كانت فيه المنافي هي مصير مشترك.

وعلى العكس من ذلك فإنه ينظر الى الرواية بحسب مسعاد كإعادة تعريف مهاجر اليوم باعتباره مواطنا عالميا، ومعنى ذلك الكف من قبل الكاتب عن التساؤل ما إذا كان ألمانيا أو مغربيا، ويعلق على ذلك "هاجرت مرة، سأظل مهاجرا للأبد... منافع السفر أفضل بكثير من مساوئها... أعتبر أن أبغض الإغتراب عند المرء هو اغترابه عن ذاته الذي يكون نتيجة لارتباطه بمحيطه الضيق".

على خلاف الشائع صيغت رواية "محكيات نظرات الخائن" بأسلوب يمزج بين الكتابة السردية الأدبية والكتاب الصحفية التقريرية، وهو أسلوب خضع الى مهنة مسعاد الأساسية باعتباره صحفيا تلفزيونيا بالأساس.

ويقول الكاتب "أعتقد أن المسافة بين الأسلوبين في الكتابة رهيفة للغاية، فجابرييل جارسيا ماركيز أحد رواد السرد والصحافة، يشدد على أن التقرير الإخباري قصة واقعية، بل إنه يعتبر التقرير الإخباري بحد ذاته جنسا أدبيا".

ويضيف مسعاد "قد تكون الصحافة هي الخبر التقريري، غير أن الرواية مثل الاحلام، مليئة بالأشياء التي نشعر أننا نعرفها من قبل".

طارق القيزاني
الاربعاء 1 أبريل 2020