تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


معاقل الثقافة النمساوية ......تاريخ عريق لمقاهي فيينا في خدمة الأدباء والمفكرين




فيينا - كارولا فيرينتسن - لكل عاصمة ما يميزها عن غيرها.. فبينما تتميز باريس بالنوادي الليلية، ولندن بالحانات ، وروما بالخمارات ، باتت المقاهي من أهم سمات العاصمة النمساوية فيينا.
وصف الكاتب النمساوي ستيفان تسفايج المقاهي ، تلك الأماكن التي يسودها مناخ الدفء والراحة وتعد معاقل لثقافة العاصمة النمساوية ، بأنها مؤسسة لا مثيل لها في العالم.


مدخل مقهى سبيرل في فيينا
مدخل مقهى سبيرل في فيينا
وغالبا ما تتألف قوائم القهوة في مقاهي فيينا من عدة صفحات ، تضم أنواعا كلاسيكية من القهوة مثل "جروسر برونر" - وهي عبارة عن قدر مضاعف من قهوة "اسبرسو" الإيطالية مضافا إليه الحليب - وقهوة "ميلانج" الرائعة ، وهي نوع أقل تركيزا من "جروسر برونر" يضاف إليه القليل من الحليب المبخر.

كتب تسفايج في عام 1942 : "إنها في الحقيقة نوع من النوادي الديمقراطية التي يتسنى للجميع دخولها لاحتساء فنجان من القهوة بثمن زهيد ، ويمكن لكل من زبائنها البقاء لبضعة ساعات مقابل أبولوس صغير (سدس دراخما) ، كما يمكنه الدخول في مناقشات (في بعض الأمور) والكتابة وممارسة ألعاب الورق واستقبال رسائله الالكترونية ، وفوق ذلك كله يتسنى له قراءة أي عدد من الصحف والمجلات".

لم تكن العاصمة النمساوية هي أول مدينة في العالم يتم فيها تقديم القهوة في أماكن عامة. فالمقاهي موجودة منذ قرابة عام 1530 في الإمبراطورية العثمانية ، لا سيما في القاهرة ودمشق ، ولاحقا في اسطنبول. وقد انتشرت المقاهي في لندن وفينيسيا بصورة أسرع من فيينا ، التي يعتقد الكثيرون أنها حظيت بأول مقهى لها في عام 1685 ، عندما افتتح أمريكي يدعى جوهانس ديوداتو مقهاه هناك.

ثمة مصادر أخرى تقول إن جورج فرانز كولشكيتزي هو مؤسس ثقافة المقاهي في فيينا. فمن المفترض أنه افتتح مقهاه ، التي أسماها "بلو بوتل" قبل عام من افتتاح ديوداتو مقهاه ، مستخدما العديد من الجوارب المليئة بحبوب البن التي تركها الأتراك بعد الحصار الثاني لفيينا في عام 1683 .

واليوم ، صار هناك ما يربو على 500 مقهى في العاصمة النمساوية ، لم يفقد الكثير منها سحرها الفريد حتى الآن.
صحيح أن مقاهي فيينا توفر مكانا لتصفح الجرائد وقراءة الكتب ومناقشة الأمور اليومية ولعب الشطرنج مع الأصدقاء الأعزاء ، إلا أنها تعتبر في المقام الأول مكانا للاندماج مع الناس وقضاء الوقت على مقعد وثير ومائدة يعلوها الرخام.

يقول ألفريد بولجار في وصفه لمرتادي المقاهي ، إن الأشخاص الذين يذهبون إلى تلك الأماكن يرغبون في الانفراد بأنفسهم ، غير أنهم يحتاجون إلى بعض الأصحاب أثناء تواجدهم هناك.

كان بولجار يشعر وكأنه في بيته عند جلوسه في مقهى "سنترال" ، الذي كان يرتاده بصفة منتظمة مع هوجو فون هوفمانسثال وآرثر شنيتسلر وبيتر ألتينبرج.

لذلك ، خلد مقهى "سنترال" ذكرى التينبرج ، أشهر المثقفين والشعراء الذين يرتادون المقاهي في فيينا ، عبر وضع تمثال له بالحجم الطبيعي على مائدة من الرخام عند مدخل المقهى.

على غرار ذلك ، اختارت بعض المقاهي الأخرى في العاصمة النمساوية كتابا آخرين ليمثلوها. فعلى سبيل المثال ، وقع اختيار مقهى "هاويلكا" الأسطوري الذي بقي على تصميمه الأصلي الذي يعكس طابع "الفن الجديد" ، على المؤرخ الفني ألفريد شميلر.

ولعل ما يظهر عشق شميلر لهذا المقهى ، الكائن بالقرب من كاتدرائية سان ستيفان في فيينا ، قوله ذات مرة: "إن لم أكن متواجدا في المنزل ، فأنا في هاويلكا. وإذا لم أكن في هاويلكا ، فأنا في الطريق إلى هناك". ويستقبل ليوبولد هاويلكا ، الذي بلغ من العمر 99 عاما في العام الجاري، ضيوف مقهاه بنفسه منذ أيار/مايو 1939 .

في الأيام الخوالي ، كان الفنانون يقضون أوقاتهم أحيانا في المقهى المفضل لديهم حتى ساعات متأخرة من الليل. لم يكن السبب وراء ذلك تبادل الآراء مع مفكرين آخرين والاستمتاع باحتساء القهوة فحسب ، بل كانوا يفضلون دفء المقاهي البسيطة المألوفة عن شققهم الضيقة الباردة. بل إن بعض الكتاب ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك ليتلقوا بريدهم الخاص على عنوان مقهاهم المفضل.

واليوم ، صارت المقاهي التقليدية بين المعالم السياحية الرئيسية في فيينا. ففضلا عن مقهى "سنترال" و"هاويلكا" ، هناك مقاهي "لاندمان" و"سبيرل" و"جرينشتايدل" وغيرها.

وكما كان الحال في الماضي ، يظهر الممثلون والممثلات في مقاهي فيينا التي تم توسيع قوائمها لتشمل أنواع غير نمساوية من القهوة ، مثل "كابتشينو" و"لاتيه".

وسط كل ذلك ، ثمة أمر وحيد لم يتغير في مقاهي فيينا ، ألا هو تقديم الفنجان بالطريقة التقليدية الخاصة بالعاصمة النمساوية مع كوب ماء على صينية فضية صغيرة ، بغض النظر عن نوع القهوة التي يطلبها الزبون.

كارولا فيرينتسن
الاربعاء 17 نوفمبر 2010