وبحسب هذه التسريبات، سيُرفَع الحدّ الأدنى للمدة اللازمة قبل التقدم بطلب الإقامة الدائمة للاجئين الذين يصلون إلى بريطانيا عبر طرق غير قانونية من 5 أعوام إلى 20 عامًا، لتصبح أطول مدة انتظار في أوروبا، متجاوزةً الدنمارك التي تعتمد ثمانية أعوام، وتشترط فيها إتقان اللغة الدنماركية والعمل بدوام كامل لعدة سنوات قبل منح الإقامة الدائمة. وبذلك تتحول بريطانيا – إذا طُبِّقت هذه الخطة كما سُرِّبت – إلى الدولة الأكثر تشددًا أوروبيًّا في مسار الاستقرار الدائم للاجئين.
ووفق التفاصيل المنشورة، لن يعود الاعتراف باللجوء في بريطانيا مسارًا مباشرًا نحو الاستقرار، إذ ستُحَوَّل صفة “اللاجئ” إلى صفة مؤقتة تُراجع كل 30 شهرًا بدلًا من منح إقامة لخمس سنوات متصلة كما هو معمول به حاليًا. وستُمنح للواصلين الجدد إقامة أوّلية لمدة 30 شهرًا فقط، يعقبها تقييم لوضع البلد الأصلي؛ فإذا اعتُبر “آمنًا” من وجهة نظر الحكومة، يمكن إنهاء الحماية وإعادة الشخص إلى بلده. وفي المقابل، سيُفتح مسار مدته 10 سنوات للاستقرار للقادمين ضمن برامج “قانونية” أو عبر مسارات لجوء منظمة، مع منح “اللاجئين المهرة” فرصة لتقليص هذه المدد إذا اندمجوا في وظائف أو مسارات دراسية محددة، ضمن مبدأ “كلما زادت المساهمة، قَصُر الانتظار” الذي تروّج له وزيرة الداخلية في مقابلاتها الصحفية.
وتشير التسريبات كذلك إلى أن الحكومة تخطط لإنهاء الالتزام القانوني القائم حاليًّا بتوفير السكن والدعم المالي لطالبي اللجوء، بحيث لا يعود “حقًّا تلقائيًّا” منصوصًا عليه في القانون، بل مسألة تقديرية تخضع لشروط وضوابط. ووفق تقارير الفايننشال تايمز والجارديان، سيُحرَم من هذا الدعم من يُعتبَر قادرًا على العمل ويرفضه، أو من يخالف القانون، أو يرفض التعاون مع إجراءات الترحيل، بينما تبقى التزامات حماية الأطفال والأسر الأشد ضعفًا قائمة بموجب قوانين أخرى مثل قانون الطفل. كما تُدرس تعديلات على طريقة تطبيق بعض بنود الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (خصوصًا المادتين 3 و8) لتسهيل عمليات الإبعاد والترحيل.
وتأتي هذه التغييرات في ظل ارتفاع ملحوظ في أعداد طلبات اللجوء؛ إذ تشير أرقام نُقِلَت عن وزارة الداخلية إلى تسجيل أكثر من 110 آلاف طلب لجوء خلال عام واحد حتى منتصف 2025، بزيادة تُقدَّر بنحو 17% مقارنة بالعام السابق، مع استمرار وصول قوارب محملة باللاجئين عبر القنال الإنجليزي. وتقول الحكومة إن هذه الحزمة تهدف إلى “ردع” الرحلات الخطرة عبر القنال و”استعادة الثقة” في نظام الهجرة، في حين تحذر أكثر من مئة منظمة خيرية وحقوقية من أن الخطط الجديدة “تجرّم الحماية” وتستخدم اللاجئين كبش فداء للصعوبات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، حتى مع تعهّد الحكومة بتوسيع بعض المسارات “الآمنة والقانونية” على غرار نموذج “بيوت لأجل أوكرانيا”.
ويبقى كل ما سبق في إطار التسريبات والتقارير الصحفية المسربة من داخل وزارة الداخلية والحكومة، ريثما تعلن شابانا محمود رسميًّا عن الحزمة الكاملة أمام البرلمان يوم الإثنين 17 نوفمبر 2025، وهو الإعلان المنتظر الذي تصفه وسائل الإعلام بأنه سيشكل اختبارًا كبيرًا لحكومة ستارمر الجديدة وعلاقتها بجناحها اليساري وبمنظمات حقوق الإنسان في بريطانيا.
ما الفرق بين مهاجر ولاجئ… وبين القادمين قانونيًا وغير قانونيًا؟
رغم الجدل الكبير حول الحزمة الجديدة، تشير المعلومات الحالية إلى أن الإجراءات المتشددة موجّهة بالدرجة الأولى إلى الواصلين إلى بريطانيا عبر طرق غير قانونية، خاصة عبّارات القنال الإنجليزي.
وهنا يبرز ضرورة توضيح الفروق الأساسية:
1. اللاجئ (Refugee)
هو شخص يهرب من الاضطهاد أو الحرب ويتقدم بطلب حماية تحت مظلة اتفاقية جنيف. إذا وصل بطريقة قانونية (برنامج إعادة توطين، لمّ شمل، تأشيرات مخصصة…)، فإن وضعه محمي ولا يخضع لهذه التشديدات الجديدة الخاصة بالقادمين عبر القنال.
2. طالب اللجوء (Asylum Seeker)
هو من يصل إلى بريطانيا ويقدم طلب لجوء رسمي عند الحدود أو داخل البلاد. القرارات الجديدة تستهدف من يقدم لجوءًا بعد دخوله بطرق غير قانونية، مثل القوارب أو شبكات التهريب—ليس من يدخل بتأشيرة سياحة أو دراسة ثم يقدّم لجوءًا لاحقًا، إذ يُعد ذلك “دخولًا قانونيًا” في الأصل.
3. المهاجر (Migrant)
هو أي شخص ينتقل إلى بريطانيا لأسباب اقتصادية أو عائلية أو دراسية، ويملك تأشيرة عمل، دراسة، زيارة، استثمار، أو لمّ شمل أسري.
هذه الفئة لا علاقة لها إطلاقًا بالتشديدات المذكورة، لأن وضعها نظامي وتخضع لقوانين الهجرة العادية وليس لقوانين اللجوء.
4. الدخول القانوني ضد غير القانوني
- القانوني: عبر تأشيرة رسمية أو برنامج حكومي (دراسة، عمل، زيارة، لمّ شمل، رعاية صحية، مسار أوكرانيا… إلخ).
- غير القانوني: دخول عبر المراكب، التهريب، أو بدون المرور عبر نقاط الحدود. وهذه الفئة فقط هي التي تستهدفها الحكومة بالتشديدات المتعلقة بالانتظار 20 عامًا والدعم المالي والسكني.


الصفحات
سياسة









