نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


ذاكرة الظل ... طاقم المسلسل بأجمعه في ظلال دواود حسين




انتهت حلقات المسلسل الكويتي "ذاكرة الظل" الذي قدمت له بعض المنصات الاعلاميه بانه عمل درامي رائع ، يتعرض للعديد من المشاكل و المظاهر الاجتماعيه في الكويت ، و بانه تم اعدادة للمنافسه على اعلى مستوى خلال شهر رمضان الكريم ، فهل تحقق ذلك ؟


اعتمدت القصه التي كتبتها مريم نصير على صراع الخير و الشر - كالعادة – بما يحوي منذ البدايه ، بان الشر سوف يكبر و يمدد و يتجبر و يهاجم  الخير و الخيرين ، و لكن العدالة السماويه تتدخل في موعد لا تخلفه ، و ينتصر الخير و يعمل السلام ، هذا هو ملخص العمل ، كما هو ملخص لاعمال دراميه عربيه لا عدد لها ، تتماير فيما بينها في عمل العقدة الدراميه كما تتمايز في رسم شخصيات مقتعه و اخرى هزيلة ، و شخصيات لا اثر لها في العمل ، سوى زيادة عدد المشاهد لاكمال ثلاثون حلقه ، كما حدث في مسلسل ذاكره الظل الكويتي .
صرح الفنان داود حسين في احد حواراته الاعلاميه قبل عرض المسلسل ، بانه سيقوم بدور مختلف في هذا العمل ، فهو يقدم نفسه هنا كمحور الشر ، و الشرير هنا هو الاب ، و على خلاف ما هو معتاد ، بان صفات الشرير تبتعد – في الاغلب – عن العائلة ، حيث يتجسد الاعمال الشريره في جوانب الحياه خارج البيت ، فيما انه يعود الي الطبيه الانسانيه في البيت بالاقتراب من الابناء و محبته لهم ، الا ان المؤلفه ، و بعكس النموذج الشائع  و يحسب لها تقديم هذا النموذج من الشخصيات الانسانيه  ، فقد قدمت الاب الشرير ، و الذي لا تبتعد اعماله الشريره عن عائلته و اهل بيته ، فهو ينسي عائلته الاولي من اجل الثراء ، بل انه يسمح ان يدخل ابنه البكر الي السجن لسنوات ، ليتستر على احدى جرائمة ، وان لم تتضح تفاصيل الجريمه ، الا في مشهد يتكرر مرات و مرات على امتداد الحلقات ، مشهد ترى فيه الابن البكر وليد (يعقوب عبد الله ) يفتح باب البيت و يلتقط حقيبه ملئيه بالنقود ، وضعت امام البيت بيد مجهول ، في ذات اللحظه التي تهاجمه الشرطه من حيث لا تعلمون ، ويدخل السجن لمدة عشر سنوات ، في حبكة ضعيفه تعتمد على ضعف ربط المشاهد للاحداث ، بل تددل على ضعف القضاء و سهوله الحكم على البرئ بحكم ظالم لسنوات ، بدون دلائل قويه .
هنا لا يشعر الاب (داود حسين ) باي ذنب ، و قد كان هو المقصود بالتهمه / حقيبة النقود ، بل انه يقنع الابن بقبول التهمه و قبول السجن ايضا ، ليتفرغ هو لحياته الاخرى مع الزوجة الثريه ، و ابنائه الاخرون منها ، و ينسى او يتناسى الزوجة الاولى سهيله ( عبير الجندي ) و ابنائاه الثلاث ، دون احساس الذنب او تأتيب للضمير ، و هكذا تتجمد الحياه في هذه اللحظه ، حتى خروج وليد من السجن بعد عشر سنوات ، لتبدا مطالباته في حقه و حق اسرته المسلوب .
اختار المخرج (محمد كاظم )  الممثله عبير الجندى لدور سهيله ، الزوجة الاولي المظلومه ، و كانه يخبر المشاهد منذ الحلقه الاولي ، بانها الزوجة الاولي مسكينه و مكسوره الجناح ، و التي تعيش الحزن في كل لحظاتها و لا هم لها الا حمايه ابنائه من شرور الاب ، رغم اننا لا نعرف طبيعه العلاقات العائليه داخل تلك الاسره قبل الليله التي تم القبض فيها على وليد ، فانقلبت الطاوله على سهيله ، و هجرها الزوج بشكل دائم الى العائله الثريه .
 سهيله / عبير الجندى ، تعبر عن حزنها بالبكاء ، و لك ان تتوقع ان كل مرة ، و كل عمل درامي ،  عبير الجندي تحول كل ادورها الي بكائيات ، و زادت عليها الاحداث هذع المرة ، الاصابه بالجلطه ثم الشلل الجزئي ، لتحاول عبير الجندي في سحب يدها و رجلها في تثاقل هزيل ، وليتها اكتفت بالبكاء دون الدخول في اصطناع الشلل و الذي لم تمكن عبير موفقه فيه الي ابعد الحدود ، و انما الجندي قد تخصصت في هذا النوع من الحزن الذي يدعو الى الملل و الرتابه  ، كما تخصصت بعض الممثلاث في الصراخ و البعض في استعراض اخر صيحات الموضه و اخر لمسات عمليات التجميل ، اختارت عبير ، البكاء و التنهد عبر الشاشه ، فليس لها ان تنافس لا في الصراخ و لا في صيحات الازياء ، كما تفعل شيماء على في دور وداد ( اخت الاب داود حسين ) و التي لا هم لها الا استعراض زينتها و حقائبها ذات الماركات العالميه – كما يقتضي الدور – و ايضا اخر لمسات التجميل الجراحي او العلاجي ، و هي ايضا من تخصص في هذا منذ سنوات .
صدق دواد حسين في انه قدم دورا مختلفا في هذا العمل الدرامي ، الشرير المطلق ، تتوقع منه اي كلمات جارحة و اي اعمال اجراميه او غير قانونيه في الي مشهد يطل فيه على الشاشه ، منذ اتهام موظف قديم لديه بتهمه هو برئ منها ، و طرده للابنه / طالبة الثانويه العامة التي جاءت الى مكتبه تستجديه العفو من والدها البرئ في نظرها ، لكن (عبدالهادى / داود حسين ) لا يرق لها قلبه ، بعكس ابنه زياد ( احمد ايراج ) الذي احبها و تزوجها عبر احداث متسارعه .
دواد حسين حاول ان يكون عبدالهادى الذي يكرهًه المشاهد ، بظهوره دوما بالوجهه المكفهر ، و لا اظن انه ظهر مبتسما – الا ابتسامه النصر الخبيثه – بين مشاهد المسلسل ، زاد على ذلك بالصراخ الدائم على من حوله ، من موظفين او اقارب ، باستثناء الاخت وداد ، و التي امامها يظهر عبدالوهاب بجانبه الانساني الطيب ، في ما عدا ذلك ، فصراخه يعلو في وجهه الجميع لاثبات عدم احترامه لهم و محاولاته في تصغير اي شخصيه امامه بما فيها الابناء ، اما عندما يتحداه احدهم ، سواء من موظفيه او من ابناءه او زوجته الاولى سهيله ، وعندما توضع امامه ما يثبت جرائمه القديمه و معاملاته المشبوهه ، فانه يتلعثم و تزوغ تظراته يميا و يسارا و يصمت دون رد او جواب ثم ينسحب ، اما لان المؤلفه تريد للخير ان يبدو قويا في لحظات ما ، او لان داود حسين لا يملك ان يتراوح في تجسيد الشخصيه بين القوة و الضعف ، و هذا ما بدى جليا في مشاهد عديده على امتداد حلقات المسلسل ، فهو يكرر نفسه بالتلفت يمين و يسار عندما يواجهه من يتحداه ، او يملك دليل ادانه على جرائمه ، يتلفت داود حسين ، لكن عبدالهادي الذي تفترضة الشخصيه ، لن يتلفت و لن يهرب من مواجهه من امامه حتى يحطمه ، لم يتمكن داود من هذا .
اغلب شخصيات المسلسل هامشيه ، لا تغني و لا تشبع من جوع ، اولها شخصيه وداد ، التي طال انتظارها لتكون بيت و اسرة كباقي النساء ، فلم يتحقق الحلم رغم بحثها المستمر عن الزوج/ الحلم ، و اذا رفعت شخصيه وداد ، و من حولها من الحبيب المطرب القديم  ذو الدور الهزيل و الشخصيه الهزيلة ، او الخاطب الجديد ، الي زميلات العمل ، فلن ينقص ذلك من القصه قيد انمله ، فكل اقاصيص وداد لا تتداخل مع الخط الدرامي للقصه الاساس ، هي مكمل لشكل الاسرة فقط لتتبادل بعض الحوارات مع ابناء الاخ ، زياد و سليمان ، بما قد يخدم الابناء ، الاكثر ثأثيرا في المسار الدرامي من وداد / شيماء على ، والتي ايضا يتدخل القدر من اجل عقابها على اهمالها لاسرة اخيها الاولي ، سهيلة و ابنائها ، فتصاب بمرض ضمور العضلات ، و سريعا جدا ، تضمر العضلات و تصاب بالشلل الجزئي ثم الكلي ، و تموت ، ليكون رحيلها جزئا من عقاب عباالهادي الاب ، فيختل عقليا مع اكتشاف كل جرائمه السابقه ، و سقوط ووجه رجل الاعمال الناجح عنه ، ثم رحيل الاخت وداد و مقتل الابن سليمان ، في فتره زمنيه متقاربه ، و هذا هو الحل القدري الذي اسقط عبدالهادي في شر اعماله ، فانتصر الخير و الخيرين .
عندما نبحث هنا عن المشاكل و العقد الاجتماعيه التي وعد المسلسل بالتعرض لها ، فنجد مشكلات اجتماعيه مثل الزواج الثاني ، ابناء الزوجه الاولي المنسيه ، الفقر و ضيق الحال ، النظرة الاجتماعيه السلبيه للخارج من السجن  ، الطمع ، حب المال ، ثم العنوسه و البحث عن شريك مناسب ، و اخيرا و بما يشبه عمليه القص و اللصق غير مدروسة ، جريمه قتل و تحقيقات جنائيه ، و كل هذه العقد الدراميه ،  لا يكاد مسلسل كويتي لمن يتعرض لها  او لبعضها ، ذلك على مدى تاريخ الدراما التلفزيونيه في الكويت .
اعتمد المسلسل على اسم داود حسين ، كفنان كبير له تاريخه الفني المعروف و ان كان في الخط الكوميدي سواء على الشاشه الصغيره او على خشبة المسرح ، حتى ان الملصق الاعلاني للمسلسل يظهر وجهه داود حسين يحتل نصف الرسم او الملصق ، بينما تتزاحم كل الوجوه الاخرى في النصف الاخر ، و يمكن قراءه الاعلان في جمله واحده مفادها " كل هؤلاء ، مقابل داود حسين " و هذا غير صحيح لمن تابع الحلقات الثلاثون للمسلسل ، و الذي هبطت هبه فيه اسهم الطاقم الفني للاسف ، الا من اسم واحد برز بشده ، دون تكلف و لا تصنع و لا محاوله فرض نفسه على الاخرين ، هو الممثل كويتي الشاب عبدالله عبد الرضا  .
 

عبدالله عبد الرضا هو حفيد الفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا ، و كانه بذرة الابداع قد غرست نفسها في هذا الشاب ، فكان حقا متميزا في دور الابن المتمرد ، و المتردد في اتخاذ القرار احنايا  و الحاسم احيانا ، المحب للخير و المنتقد لسياسه ابيه الشريره ، القريب من العمه وداد ، و الرفض لتدخل الاخرين في خصوصياته ، الملتزم تجاه مسؤلياته و المطالب لحقوقه من ميراث والدته ، عبدالله عبد الرضا كان جميلا في دور من يخذ حقه من مساحة المسلسل ، كما المساحه التي افردت لمشاكل زياد الزوجيه و التي لا تعني شيئلا للعمل الفني ، بينما سليمان ، الابن القوي و المحب للعائله ، كانت تستحق تسليط الضوء عليها اكثر من ذلك ، و على امكانيات الشاب عبدالله عبد الرضا الفنيه و الابداعيه ، و التي ربما لم تكتشف بعد في هذا العمل او ما سبقه من اعمال سابقه ، و الجدير بالذكر ان عبدالله عبد الرضا هو منتج المسلسل ، و كمنتج ، اعتبر داود حسين حصانه الرابح ، و ربما هو نفسه قد ظلم نفسه و لم يقدر لذاته حجمه الحقيقي كفنان موهوب .
كان من المحزن ان نفقد عبدالله عبد الرضا من المسلسل في حلقاته الاخيره ، لانه و كما تقول الحبكة الدراميه ، يقتل في جريمه مفتعله ، لتتحول الاربع حلقات الاخيره الي حلقات بوليسيه غيرمدروسه و غيرمتقنه لا في مسار التحقيق و لا في نتيجته التي تظهر في الحلقه الاخيره ، وكل ما اضافه غياب سليمان المفاجئ هذا ، هو خلق ذلك الحل القدري الذي سينتقم للخيرين من عبدالهادي / داود حسين ، فيفقد عقله و يفقد حريته .
نتمنى ان يدرك عبدالله عبد الرضا امكانياته الفنيه اكثر ، و ان نراه في ما يستحق من اعمال دراميه مناسبه له في المواسم القادمه .

هدى محمد - الهدهد
الثلاثاء 26 ماي 2020