نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة

تأملات في الثورة الفاشلة

16/03/2024 - ماهر مسعود


سبأ القوسي... تشكيلية يمنية تواسي أهالي الضحايا بلوحات فنية




صنعاء - منذ سنوات والفنانة التشكيلية اليمنية سبأ القوسي، ترسم بريشتها لوحات إبداعية تجسد واقع بلادها الذي يعاني من ظروف صعبة تفاقمت كثيرا جراء الحرب المشتعلة للعام الخامس على التوالي.


وفي زمن الحرب، كان لها دور فاعل في إبراز المعاناة التي يتجرعها شعبها جراء الغارات الجوية والقصف والمواجهات. ونشأت الميول الفنية للشابة القوسي منذ صغرها، من خلال تذوقها لكل ملامح الفنون من حولها باختلاف مجالاتها. ومع تطور ذائقتها الفنية، شرعت في الرسم، مجسدة فيه أمنيات ملونة، ومنذ سنوات عديدة اتسع نشاطها في الفن التشكيلي، وبدأت ممارسته كحالة تعبيرية ووجدانية كلما أتيحت لها الفرصة وتوفرت الإمكانيات. وتتميز هذه الفنانة التي حاورتها وكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) بالحب الكبير للرسم، مع وجود الموهبة فيها، التي دفعتها لصناعة الجمال و استخدامه للتأثير الإيجابي، ونشر رسالتها للجمهور كدافع كبير حفزها على الإبداع، مع محاولة تغيير واقع حكمت عليه ظروف مجتمعية في مرحلة مرتبطة بمفاهيم مغلوطة عن العقيدة الدينية بنبذ الجمال ووضعه في خانة الممنوع والمحرم. وفي حديثها لـ (د.ب.أ)، تقول القوسي إن" العمل الفني المعلق على جدار ما عبارة عن كتلة حيوية نفسيه وفلسفية تكسر جمود المكان و تنبض بالمعاني .كما أن الفن التشكيلي سمة من سمات التحضر ورسالة حضارية للشعوب". وقبل سنوات اختارت القوسي اللغة الألمانية كتخصص في دراستها الجامعية بالعاصمة صنعاء، لاهتمامها بثقافات الشعوب الأخرى. وتابعت في حديثها لـ(د. ب. أ) أن من بين أبرز أسباب دراستها اللغة الألمانية، هو الشغف الشخصي وإعجابها بجمهورية ألمانيا لما لمسته من اهتمام الألمان بنشر رسالتهم الحضارية من خلال دعم تعليم اللغة، خصوصا بعد إطلاعها لكتيب بعنوان "حقائق عن ألمانيا". وأردفت" لقد أعجبت بألمانيا ونظامها وطبيعتها وحضارتها لدرجة دفعتني لتعلم لغتها كتخصص جامعي". وفي ذكرى يكسوها الشعور بالسعادة، تواصل القوسي قائلة" لقد حالفني الحظ بالمشاركة في مشروع " المدارس شركاء المستقبل" الذي تم تدشينه في عام 2008 ضمن برتوكولات تفاهمية بين حكومتي ألمانيا واليمن آنذاك، وساعدها المشروع على تعزيز مهاراتها اللغوية . ولفتت إلى أنه بفضل دعم الحكومة الألمانية لها ولزملائها بالمشروع من خلال دورات تدريبية داخلية وخارجية، تم اختيارها كمشرفة لبعثة يمنية إلى ألمانيا برفقة طالبات يمنيات من المرحلة الثانوية، لعامين متتاليين ضمن برنامج صيفي ثقافي لطلاب المدارس. وبالنظر إلى أعمالها الفنية، تسرد القوسي بأنها مختلفة في دلالاتها، فيما يتفاوت إعجاب الذوق العام بها كون أغلبها مرتبط بمراحل مختلفة تعكس الجو العام ونفسية المجتمع اليمني المتقلبة. ومن بين أبرز لوحاتها الفنية " الساعة السليمانية" وهي لوحة تجسد امرأة يمنية تمضغ القات(نبات منشط يمضغه معظم اليمنيين لساعات) وهي بكامل أناقتها المتعارف عليها في التراث الشعبي، بلباس ذو خصوصية يمنية لها مناسبتها. أما أبرز لوحاتها التي رسمت وقت الحرب، فقد كانت لوحة "الكفيف وحمامة السلام" والتي قالت إنها أثارت ضجة في حينها، وحظيت بانتشار واسع كونها تفضح الهجوم الذي استهدف مركزا للمكفوفين في صنعاء، حسب تعبيرها.وبينت القوسي أنه خلال الحرب أيضا، كان لها عدة لوحات عكست فيها آثار ما وصفته العدوان على أطفال اليمن. وأشارت إلى أنها دعت للسلام من خلال مضامين اللوحات، و من خلال مواساتها لأهالي الضحايا عبر تجسيد ما تعرض له أبناؤهم في أعمال فنية، مع تجسيد أرواح الذين قتلوا في لوحاتها، لإيصال رسالة بأن ثمة خلود يعقب الألم الذي أصاب أقارب الضحايا. وفي تقييمها لواقع بلادها الحالي فنيا، تقول إن اليمن تشهد حراكاً تشكيليا فنياً متنوعا مصحوباً بكم نوعي من الفعاليات في معظم المدن، مشيرة إلى أنه ساهم في انبثاق هذا الحراك انفتاح الثقافات بينها نتيجة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي ربطت بين الاهتمامات بكل تفاصيلها، وأنشأت علاقة تنافسية تلقائية من خلال متابعة كل جديد. وواصلت بالقول" لن ننسى شعور الإنسان اليمني تجاه وطنه المكلوم الذي أيقظ روح المسؤولية لدى الفنان الذي يحاول تغيير واقعه بمواجهة مشاكله وتداعياتها، سواء بما نعانيه من جبروت العدوان الغاشم أو بما خلفه من ألم وخراب نحاول تجاوزه بالجنوح إلى السلم بكل مظاهره دون استسلام". وفيما يتعلق بواقع المرأة اليمنية حاليا، ذكرت القوسي أن إسهامات المرأة اليمنية لازالت محصورة في إطار شكلي، وكأنه يبدو كإسقاط واجب أمام المجتمع الدولي أكثر منه محاولة إثبات إيمان المجتمع بدور المرأة وبقدراتها وأدوارها المفترضة، واستخدام معطيات شكلية تبين تخطي المجتمع للنظرة الدونية لها من خلال إقحامها " الشكلي " في ميادين العمل الحكومي والخاص بمختلف مسمياته وتخصصاته. وتابعت" أثبتت المرأة اليمنية عبر التاريخ حضورها بكرامة وإباء وقوة رغم ما كبلت به من قيود مجتمعية استحدثها تأثر المجتمع بحركات فكرية و سياسية و عقائدية معروفة". وقالت إن المرأة في بلادها تجاوزت جميع مشاكلها، "وهي متمسكة بمبادئها وتقاليدها دون تفريط في قيمها النبيلة". وحول طموحاتها الشخصية أفادت بأنها مازالت تطمح في إتمام تعليمها ودراستها للغة الألمانية في ألمانيا نفسها. وأضافت" يحدوني الأمل في ذلك.. فرغم الظروف السيئة التي تمر بها البلاد وضعف الإمكانيات إلا أني أواصل مسيرتي الإبداعية ورسالتي الإنسانية التي ستترك إرثاً خالدا ومساهمة مخلصة في مسيرة بناء الدولة اليمنية المنشودة مع غيري من الحالمين والطامحين إلى الوصول إليها ". وفي سياق آمالها لبلدها، تقول القوسي" أتمنى أن ترمم أرادتنا ما أتلفه العدوان في نفسي و في بلدي وما أفسده الصراع البيني من حياة... مثلي كثر يحملون الهم اليمني على عواتقهم ويسعون لتحسين بيئتنا الجمالية والثقافية والحضارية. واختتمت القوسي في حديثها لـ(د.ب.أ)، بإيصال رسالتها للقارئ قائلة" إن الإنسان يصنع حاضره ومستقبله... فعليك أن تكون إيجابيا في محيطك و معطاء لبلدك ... عامرا لها لا مخرب ، إضافة لها لا عالة عليها...صانع واقع جميل وكريم لها ".

د ب ا
الثلاثاء 11 يونيو 2019